فصل: بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ:

(إذَا عَجَزَ الْمَرِيضُ عَنْ الْقِيَامِ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ) «لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى الْجَنْبِ تُومِئُ إيمَاءً» وَلِأَنَّ الطَّاعَةَ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ.
الشرح:
بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ:
الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَعَلَى الْجَنْبِ، تُومِئُ إيمَاءً».
قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: «كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَعَلَى جَنْبٍ»، زَادَ النَّسَائِيّ: «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَمُسْتَلْقِيًا {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا}»، انْتَهَى.
وَوَهِمَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، فَقَالَ، بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى.
ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَقِيبَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ، قَالَ: (فَإِنْ) (لَمْ يَسْتَطِعْ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ) (أَوْمَأَ إيمَاءً) يَعْنِي قَاعِدًا، لِأَنَّهُ وُسْعُ مِثْلِهِ (وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ)، لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُمَا، فَأَخَذَ حُكْمَهُمَا (وَلَا يَرْفَعُ إلَى وَجْهِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «إنْ قَدَرْت أَنْ تَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ فَاسْجُدْ، وَإِلَّا فَأَوْمِئْ بِرَأْسِكَ» فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ يَخْفِضُ رَأْسَهُ أَجْزَأَهُ لِوُجُودِ الْإِيمَاءِ، وَإِنْ وَضَعَ ذَلِكَ عَلَى جَبْهَتِهِ لَا يُجْزِئُهُ لِانْعِدَامِهِ.
(فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْقُعُودَ اسْتَلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ، وَجَعَلَ رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَأَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى قَفَاهُ يُومِئُ إيمَاءً، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَاَللَّهُ تَعَالَى أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ مِنْهُ».
الشرح:
الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إنْ قَدَرْت أَنْ تَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ، وَإِلَّا أَوْمِئْ بِرَأْسِكَ».
قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ، فَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ مَرِيضًا، فَرَآهُ يُصَلِّي عَلَى وِسَادَةٍ، فَأَخَذَهَا، فَرَمَى بِهَا، فَأَخَذَ عُودًا لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ، فَرَمَى بِهِ، وَقَالَ: صَلِّ عَلَى الْأَرْضِ إنْ اسْتَطَعْت، وَإِلَّا فَأَوْمِئْ إيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَك أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِك»، انْتَهَى.
قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ الثَّوْرِيِّ إلَّا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ، وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي وِسَادَةٍ مَرْفُوعَةٍ إلَى جَبْهَتِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً عَلَى الْأَرْضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ حَدِيثِهِ إلَّا مَا ذَكَرَ فِيهِ السَّمَاعَ، أَوْ كَانَ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ أَبِي دَاوُد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي شَبَابٌ الْعُصْفُرِيُّ، ثَنَا سَهْلٌ أَبُو غِيَاثٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ مَرِيضًا، فَذَكَرَهُ.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسِيطِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّرَّاجُ ثَنَا شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ ثَنَا قُرَّانُ بْنُ تَمَّامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْجُدَ فَلْيَسْجُدْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَلَا يَرْفَعْ إلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ وَلْيَكُنْ رُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ، يُومِئُ بِرَأْسِهِ»، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَعَلَى قَفَاهُ، يُومِئُ إيمَاءً، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ مِنْهُ».
قُلْت: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعُرَنِيِّ ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، صَلَّى قَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ، أَوْمَأَ، وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا، رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ».
انْتَهَى.
وأَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ بِالْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، وَقَالَ: كَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الشِّيعَةِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ بِصَدُوقٍ، وَوَافَقَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، قَالَ: وَحُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ حَالٌ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، وَلَا يُشْبِهُ حَدِيثُهُ حَدِيثَ الثِّقَاتِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَقْلُوبَاتِ، وَيَأْتِي عَنْ الْأَثْبَاتِ بِالْمَرْوِيَّاتِ، انْتَهَى.
وَحُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ، هُوَ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قُلْت لِأَبِي: مَا تَقُولُ فِيهِ؟ فَحَرَّكَ يَدَهُ وَقَلَّبَهَا يَعْنِي تَعْرِفُ، وَتُنْكِرُ؟، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، إلَّا أَنِّي وَجَدْت فِي حَدِيثِهِ بَعْضَ النُّكْرَةِ، انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْقُعُودِ اسْتَلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ، مَادًّا رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَالشَّافِعِيُّ يُخَالِفُ، وَيَقُولُ: يُصَلِّي عَلَى جَنْبِهِ مُسْتَقْبِلًا بِوَجْهِهِ، وَحُجَّتُهُ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الْمُتَقَدِّمُ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لَنَا.
قَالَ: (وَإِنْ اسْتَلْقَى عَلَى جَنْبِهِ وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ فَأَوْمَأَ جَازَ) لِمَا رَوَيْنَا مِنْ قَبْلُ، إلَّا أَنَّ الْأُولَى هِيَ الْأَوْلَى عِنْدَنَا، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِأَنَّ إشَارَةَ الْمُسْتَلْقِي تَقَعُ إلَى هَوَاءِ الْكَعْبَةِ، وَإِشَارَةُ الْمُضْطَجِعِ عَلَى جَنْبِهِ إلَى جَانِبِ قَدَمَيْهِ، وَبِهِ تَتَأَدَّى الصَّلَاةُ (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْإِيمَاءَ بِرَأْسِهِ أُخِّرَتْ الصَّلَاةُ عَنْهُ، وَلَا يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ، وَلَا بِقَلْبِهِ، وَلَا بِحَاجِبِيهِ) خِلَافًا لِزُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ، لِمَا رَوَيْنَا مِنْ قَبْلُ، وَلِأَنَّ نَصْبَ الْأَبْدَالِ بِالرَّأْيِ مُمْتَنِعٌ، وَلَا قِيَاسَ عَلَى الرَّأْسِ، لِأَنَّهُ يَتَأَدَّى بِهِ رُكْنُ الصَّلَاةِ دُونَ الْعَيْنِ وَأُخْتَيْهَا، وَقَوْلُهُ أُخِّرَتْ عَنْهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَإِنْ كَانَ الْعَجْزُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إذَا كَانَ مُفِيقًا، هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّهُ يَفْهَمُ مَضْمُونَ الْخِطَابِ، بِخِلَافِ الْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ.
قَالَ: (وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِيَامُ، وَيُصَلِّي قَاعِدًا يُومِئُ إيمَاءً) لِأَنَّ رُكْنِيَّةَ الْقِيَامِ لِلتَّوَسُّلِ بِهِ إلَى السَّجْدَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ نِهَايَةِ التَّعْظِيمِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَقَّبُهُ السُّجُودُ لَا يَكُونُ رُكْنًا، فَيَتَخَيَّرُ وَالْأَفْضَلُ هُوَ الْإِيمَاءُ قَاعِدًا، لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالسُّجُودِ.
(وَإِنْ صَلَّى الصَّحِيحُ بَعْضَ صَلَاتِهِ قَائِمًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ مَرَضٌ يُتِمُّهَا قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ أَوْ يُومِئُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ، أَوْ مُسْتَلْقِيًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ)، لِأَنَّهُ بِنَاءُ الْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى فَصَارَ كَالِاقْتِدَاءِ (وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لِمَرَضٍ ثُمَّ صَحَّ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ قَائِمًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: اسْتَقْبَلَ) بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الِاقْتِدَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
(وَإِنْ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتَهُ بِإِيمَاءٍ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ اسْتَأْنَفَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا)، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الرَّاكِعِ بِالْمُومِئِ، فَكَذَا الْبِنَاءُ، (وَمَنْ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ قَائِمًا ثُمَّ أَعْيَا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَوَكَّأَ عَلَى عَصًا أَوْ حَائِطٍ أَوْ يَقْعُدَ)، لِأَنَّ هَذَا عُذْرٌ، وَإِنْ كَانَ الِاتِّكَاءُ بِغَيْرِ عُذْرٍ يُكْرَهُ، لِأَنَّهُ إسَاءَةٌ فِي الْأَدَبِ، وَقِيلَ: لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، لِأَنَّهُ لَوْ قَعَدَ عِنْدَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ يَجُوزُ، فَكَذَا لَا يُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ، وَعِنْدَهُمَا يُكْرَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقُعُودُ عِنْدَهُمَا فَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ، (وَإِنْ قَعَدَ بِغَيْرِ عُذْرٍ يُكْرَهُ بِالِاتِّفَاقِ) وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عِنْدَهُ وَلَا تَجُوزُ عِنْدَهُمَا، وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ النَّوَافِلِ.
(وَمَنْ صَلَّى فِي السَّفِينَةِ قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ أَجْزَأَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالْقِيَامُ أَفْضَلُ، وَقَالَا: لَا يُجْزِئُهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ)، لِأَنَّ الْقِيَامَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ، فَلَا يُتْرَكُ إلَّا لِعِلَّةٍ، وَلَهُ أَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا دَوَرَانُ الرَّأْسِ، وَهُوَ كَالْمُتَحَقِّقِ، إلَّا أَنَّ الْقِيَامَ أَفْضَلُ، لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ، وَالْخُرُوجُ أَفْضَلُ إنْ أَمْكَنَهُ، لِأَنَّهُ أَسْكَنُ لِقَلْبِهِ، وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْمَرْبُوطَةِ، وَالْمَرْبُوطَةُ كَالشَّطِّ، هُوَ الصَّحِيحُ.
(وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ أَوْ دُونَهَا قَضَى، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَقْضِ) وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إذَا اسْتَوْعَبَ الْإِغْمَاءُ وَقْتَ صَلَاةٍ كَامِلًا لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ، فَأَشْبَهَ الْجُنُونَ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمُدَّةَ إذَا طَالَتْ كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ، فَيَتَحَرَّجُ فِي الْأَدَاءِ، وَإِذَا قَصُرَتْ قَلَّتْ فَلَا حَرَجَ، وَالْكَثِيرُ أَنْ تَزِيدَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ، وَالْجُنُونُ كَالْإِغْمَاءِ، كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ، بِخِلَافِ النَّوْمِ، لِأَنَّ امْتِدَادَهُ نَادِرٌ، فَيَلْحَقُ بِالْقَاصِرِ.
ثُمَّ الزِّيَادَةُ تُعْتَبَرُ مِنْ حَيْثُ الْأَوْقَاتُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، لِأَنَّ التَّكْرَارَ يَتَحَقَّقُ بِهِ، وَعِنْدَهُمَا مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ، هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
الشرح:
قَوْلُهُ: ثُمَّ الزِّيَادَةُ تُعْتَبَرُ مِنْ حَيْثُ الْأَوْقَاتُ، عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعِنْدَهُمَا مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ، هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
قُلْت: يَعْنِي بِالزِّيَادَةِ عَلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ فِي الْإِغْمَاءِ، أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَأَفَاقَ نِصْفَ اللَّيْلِ فَقَضَاهُنَّ، انْتَهَى.
وَمِنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيِّ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَقَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا لَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْ عَمَّارٍ، وَلَوْ ثَبَتَ، فَمَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَعَلَيْهِ أَنَّ رَاوِيَهُ يَزِيدَ مَوْلَى عَمَّارٍ مَجْهُولٌ، وَالرَّاوِي عَنْهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيَّ، كَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يُضَعِّفُهُ.
وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لَا يَرَيَانِ بِهِ بَأْسًا، وَلَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ، انْتَهَى.
وَالرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ غَرِيبَةٌ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ شَهْرًا، فَلَمْ يَقْضِ مَا فَاتَهُ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى بِهِ، وَرَوَى إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِهِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، فَأَفَاقَ، فَلَمْ يَقْضِ مَا فَاتَهُ، وَاسْتَقْبَلَ. انْتَهَى.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِهِ الْآثَارِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يُغْمَى عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً، قَالَ: يَقْضِي، انْتَهَى.
حَدِيثٌ احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ عَلَى سُقُوطِ الصَّلَاةِ بِالْإِغْمَاءِ، قَلَّتْ، أَوْ كَثُرَتْ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَيْلِيِّ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ أَنَّ «عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يُغْمَى عَلَيْهِ، فَيَتْرُكَ الصَّلَاةَ، فَقَالَ: لَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَضَاءٌ، إلَّا أَنْ يُغْمَى عَلَيْهِ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ، فَيُفِيقُ فِيهِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّيهِ».
وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، قَالَ أَحْمَدُ، فِي الْحَكَمِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَيْلِيِّ: أَحَادِيثُهُ مَوْضُوعَةٌ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ الْأَثْبَاتِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَلَا مَأْمُونٍ، وَكَذَّبَهُ الْجُوزَجَانِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ، وَتَرَكَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ الْجُنَيْدِ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ، وَبَقِيَّةُ السَّنَدِ كُلِّهِ إلَى الْحَكَمِ مُظْلِمٌ، وَقَالَتْ الْحَنَابِلَةُ: يَقْضِي مَا فَاتَهُ مِنْ صَلَاةٍ، قَلَّتْ، أَوْ كَثُرَتْ، وَلَا تَسْقُطُ، وَتَوَسَّطَ أَصْحَابُنَا، فَقَالُوا: يَسْقُطُ مَا زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، سِوَى مَا دُونَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ:

قَالَ: (سُجُودُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً: فِي آخِرِ الْأَعْرَافِ، وَفِي الرَّعْدِ وَالنَّحْلِ، وَبَنِي إسْرَائِيلَ وَمَرْيَمَ، وَالْأُولَى فِي الْحَجِّ وَالْفُرْقَانِ، وَالنَّمْلِ وَآلِمْ تَنْزِيلٌ، و: (ص)، وَ: (حم السَّجْدَةِ)، وَ: (النَّجْمِ) و: (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)، وَاقْرَأْ كَذَا كُتِبَ فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالسَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْحَجِّ لِلصَّلَاةِ عِنْدَنَا، وَمَوْضِعُ(حم السَّجْدَةِ) فِي السَّجْدَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ {لَا يَسْأَمُونَ} فِي قَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ الْمَأْخُوذُ لِلِاحْتِيَاطِ، وَالسَّجْدَةُ وَاجِبَةٌ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ عَلَى التَّالِي وَالسَّامِعِ، سَوَاءٌ قَصَدَ سَمَاعَ الْقُرْآنِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا، وَعَلَى مَنْ تَلَاهَا» وَهِيَ كَلِمَةُ إيجَابٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالْقَصْدِ.
الشرح:
بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ قَوْلُهُ: وَالسَّجْدَةُ فِي(حم السَّجْدَةِ) عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} فِي قَوْلِ عُمَرَ، وَهُوَ الْمَأْخُوذُ لِلِاحْتِيَاطِ.
قُلْت: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي آخِرِ الْآيَتَيْنِ مِنْ(حم السَّجْدَةِ)، عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ}، انْتَهَى.
وَزَادَ فِي لَفْظٍ: وَأَنَّهُ رَأَى رَجُلًا سَجَدَ عِنْدَ قَوْلِهِ: {إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ}، فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ عَجِلْتَ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «وَالسَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا، وَعَلَى مَنْ تَلَاهَا».
قُلْت: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا، انْتَهَى.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَقَالَ عُثْمَانُ: إنَّمَا السُّجُودُ عَلَى مَنْ اسْتَمَعَ، انْتَهَى.
وَهَذَا التَّعْلِيقُ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُثْمَانَ مَرَّ بِقَاصٍّ، فَقَرَأَ سَجْدَةً، لِيَسْجُدَ مَعَهُ عُثْمَانُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إنَّمَا السُّجُودُ عَلَى مَنْ اسْتَمَعَ، ثُمَّ مَضَى، وَلَمْ يَسْجُدْ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الْإِيمَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «إذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ، أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ، فَسَجَدَ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ، وَأَبَيْتُ، فَلِيَ النَّارُ» انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ وُجُوبِ السُّجُودِ، بِحَدِيثِ «زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَرَأْت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَسْجُدْ» انْتَهَى.
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَبِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ: «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟، قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، أَخْرَجَاهُ عَنْ طَلْحَةَ نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ.
(وَإِذَا) (تَلَا الْإِمَامُ آيَةَ السَّجْدَةِ) (سَجَدَهَا الْمَأْمُومُ مَعَهُ) لِالْتِزَامِهِ مُتَابَعَتَهُ (وَإِذَا تَلَا الْمَأْمُومُ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ وَلَا الْمَأْمُومُ، فِي الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَسْجُدُونَهَا إذَا فَرَغُوا، لِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ تَقَرَّرَ، وَلَا مَانِعَ، بِخِلَافِ حَالَةِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى خِلَافِ وَضْعِ الْإِمَامَةِ أَوْ التِّلَاوَةِ، وَلَهُمَا أَنَّ الْمُقْتَدِيَ مَحْجُورٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ، لِنَفَاذِ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ، وَتَصَرُّفُ الْمَحْجُورِ لَا حُكْمَ لَهُ، بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ، لِأَنَّهُمَا مُنْهَيَانِ عَنْ الْقِرَاءَةِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ بِتِلَاوَتِهَا، كَمَا لَا يَجِبُ بِسَمَاعِهَا، لِانْعِدَامِ أَهْلِيَّةِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الْجُنُبِ الشرح:
الْآثَارُ: رَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ سَجْدَةً، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَنَزَلَ، فَسَجَدَ، وَسَجَدْنَا مَعَهُ، ثُمَّ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقَالَ: عَلَى رِسْلِكُمْ، إنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا، إلَّا أَنْ نَشَاءَ، فَلَمْ يَسْجُدْ، وَمَنَعَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا، انْتَهَى.
وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ آخَرَ، فَقَالَ فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَرَ السُّجُودَ وَاجِبً: وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَدِيرِ وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَنَّهُ حَضَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَذَكَرَهُ، وَهَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَدِيرِ أَنَّهُ حَضَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ سُورَةَ(النَّحْلِ) حَتَّى إذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ، إلَى آخِرِهِ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَزَادَ نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ السُّجُودَ عَلَيْنَا، إلَّا أَنْ نَشَاءَ.
انْتَهَى.
وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَذَكَرَهُ، بِلَفْظِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ سَوَاءً، ثُمَّ قَالَ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَمْ أَجِدْهُ إلَّا مُعَلَّقًا، فَلْيُرَاجَعْ (وَلَوْ سَمِعَهَا رَجُلٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ سَجَدَهَا) هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ الْحَجْرَ ثَبَتَ فِي حَقِّهِمْ فَلَا يَعْدُوهُمْ (وَإِنْ سَمِعُوا وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ سَجْدَةً مِنْ رَجُلٍ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَسْجُدُوهَا فِي الصَّلَاةِ)، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بصلاتية، لِأَنَّ سَمَاعَهُمْ هَذِهِ السَّجْدَةَ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (وَسَجَدُوهَا بَعْدَهَا) لِتَحَقُّقِ سَبَبِهَا (وَلَوْ سَجَدُوهَا فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَجْزِهِمْ)، لِأَنَّهُ نَاقِصٌ لِمَكَانِ النَّهْيِ فَلَا يَتَأَدَّى بِهِ الْكَامِلُ، قَالَ (وَأَعَادُوهَا) لِتَقَرُّرِ سَبَبِهَا (وَلَمْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ)، لِأَنَّ مُجَرَّدَ السَّجْدَةِ لَا يُنَافِي إحْرَامَ الصَّلَاةِ، وَفِي النَّوَادِرِ: أَنَّهَا تَفْسُدُ، لِأَنَّهُمْ زَادُوا فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.
(فَإِنْ قَرَأَهَا الْإِمَامُ وَسَمِعَهَا رَجُلٌ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَدَخَلَ مَعَهُ بَعْدَمَا سَجَدَهَا الْإِمَامُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا)، لِأَنَّهُ صَارَ مُدْرِكًا لَهَا بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ (وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَهَا سَجَدَهَا مَعَهُ)، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْمَعْهَا سَجَدَهَا مَعَهُ، فَهَاهُنَا أَوْلَى (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ سَجَدَهَا وَحْدَهُ) لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ (وَكُلُّ سَجْدَةٍ وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَسْجُدْهَا فِيهَا لَمْ تُقْضَ خَارِجَ الصَّلَاةِ)، لِأَنَّهَا صَلَاتِيَّةٌ، وَلَهَا مَزِيَّةُ الصَّلَاةِ، فَلَا تَتَأَدَّى بِالنَّاقِصِ.
(وَمَنْ تَلَا سَجْدَةً فَلَمْ يَسْجُدْهَا حَتَّى دَخَلَ فِي صَلَاةٍ فَأَعَادَهَا وَسَجَدَ أَجْزَأَتْهُ السَّجْدَةُ عَنْ التِّلَاوَتَيْنِ)، لِأَنَّ الثَّانِيَةَ أَقْوَى، لِكَوْنِهَا صَلَاتِيَّةً، فَاسْتَتْبَعَتْ الْأُولَى، وَفِي النَّوَادِرِ يَسْجُدُ أُخْرَى بَعْدَ الْفَرَاغِ، لِأَنَّ لِلْأُولَى قُوَّةَ السَّبْقِ، فَاسْتَوَيَا، قُلْنَا: لِلثَّانِيَةِ قُوَّةُ اتِّصَالِ الْمَقْصُودِ فَتَرَجَّحَتْ بِهَا (وَإِنْ تَلَاهَا فَسَجَدَ ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَتَلَاهَا سَجَدَ لَهَا)، لِأَنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ الْمُسْتَتْبِعَةُ، وَلَا وَجْهَ إلَى إلْحَاقِهَا بِالْأُولَى، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى سَبْقِ الْحُكْمِ عَلَى السَّبَبِ.
(وَمَنْ كَرَّرَ تِلَاوَةَ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَتْهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ قَرَأَهَا فِي مَجْلِسِهِ فَسَجَدَهَا، ثُمَّ ذَهَبَ وَرَجَعَ فَقَرَأَهَا سَجَدَهَا ثَانِيَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَجَدَ لِلْأُولَى فَعَلَيْهِ السَّجْدَتَانِ) فَالْأَصْلُ أَنَّ مَبْنَى السَّجْدَةِ عَلَى التَّدَاخُلِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ، وَهُوَ تَدَاخُلٌ فِي السَّبَبِ دُونَ الْحُكْمِ، وَهَذَا أَلْيَقُ بِالْعِبَادَاتِ، وَالثَّانِي بِالْعُقُوبَاتِ، وَإِمْكَانُ التَّدَاخُلِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ، لِكَوْنِهِ جَامِعًا لِلْمُتَفَرِّقَاتِ، فَإِذَا اخْتَلَفَ عَادَ الْحُكْمُ إلَى الْأَصْلِ، وَلَا يَخْتَلِفُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ، بِخِلَافِ الْمُخَيَّرَةِ، لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ وَهُوَ الْمُبْطِلُ هُنَالِكَ، وَفِي تَسْدِيَةِ الثَّوْبِ يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ، وَفِي الْمُنْتَقِلِ مِنْ غُصْنٍ إلَى غُصْنٍ كَذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا فِي الدِّيَاسَةِ لِلِاحْتِيَاطِ.
(وَلَوْ تَبَدَّلَ مَجْلِسُ السَّامِعِ دُونَ التَّالِي يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ عَلَى السَّامِعِ)، لِأَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّهِ السَّمَاعُ (وَكَذَا إذَا تَبَدَّلَ مَجْلِسُ التَّالِي دُونَ السَّامِعِ) عَلَى مَا قِيلَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ عَلَى السَّامِعِ لِمَا قُلْنَا.
(وَمَنْ) (أَرَادَ السُّجُودَ كَبَّرَ وَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ وَسَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ رَأْسَهُ) اعْتِبَارًا بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وَلَا تَشَهُّدَ عَلَيْهِ وَلَا سَلَامَ)، لِأَنَّ ذَلِكَ لِلتَّحَلُّلِ، وَهُوَ يَسْتَدْعِي سَبْقَ التَّحْرِيمَةِ، وَهِيَ مُنْعَدِمَةٌ.
قَالَ: (وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ السُّورَةَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا وَيَدَعَ آيَةَ السَّجْدَةِ)، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِنْكَافَ عَنْهَا (وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَيَدَعَ مَا سِوَاهَا)، لِأَنَّهُ مُبَادَرَةٌ إلَيْهَا، قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ دَفْعًا لِوَهْمِ التَّفْضِيلِ، وَاسْتَحْسَنُوا إخْفَاءَهَا شَفَقَةً عَلَى السَّامِعِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الشرح:
قَوْلُهُ: وَمَنْ أَرَادَ السُّجُودَ، كَبَّرَ، وَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ، وَسَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ، وَلَا تَشَهُّدَ عَلَيْهِ، وَلَا سَلَامَ، هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ.
قُلْت: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ، فَإِذَا مَرَّ بِسَجْدَةٍ، كَبَّرَ، وَسَجَدَ، وَسَجَدْنَا مَعَهُ»، انْتَهَى.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ فِيهِ مَقَالٌ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُسَلِّمُونَ فِي السَّجْدَةِ، وَأَخْرَجَ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: إذَا قَرَأَ الرَّجُلُ السَّجْدَةَ، فَلْيُكَبِّرْ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ، وَإِذَا سَجَد، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: لَيْسَ فِي السُّجُودِ تَسْلِيمٌ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ السَّجْدَتَيْنِ فِي الْحَجِّ:
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ ثَنَا مِشْرَحُ بْنُ هَاعَانَ سَمِعْت عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ عَلَى سَائِرِ الْقُرْآنِ بِسَجْدَتَيْنِ؟، قَالَ: نَعَمْ، فَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا، فَلَا يَقْرَأْهُمَا»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَيْسَ إسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ لَمْ نَكْتُبْهُ مُسْنَدًا إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ، إنَّمَا نُقِمَ عَلَيْهِ اخْتِلَاطُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ الْعُتَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُنَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ: مِنْهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْمُفَصَّلِ وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا، وَقَالَ: قَدْ احْتَجَّ الشَّيْخَانِ بِأَكْثَرِ رُوَاتِهِ، وَلَيْسَ فِي عَدِّ سُجُودِ الْقُرْآنِ أَتَمَّ مِنْهُ، انْتَهَى.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنَيْنٍ فِيهِ جَهَالَةٌ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنَيْنٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَذَلِكَ لِجَهَالَتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ الْحَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ الْعُتَقِيِّ، وَهُوَ رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ حَالٌ، فَالْحَدِيثُ مِنْ أَجْلِهِ لَا يَصِحُّ، قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ تَصْحِيفٌ فِي اسْمِهِ، وَفِي نَسَبِهِ، فَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ: مُنَيْنٌ - بِنُونَيْنِ وَمِيمٍ مَضْمُومَةٍ-، وَقَالَ فِيهِ: مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَصَوَابُهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ كَلَالٍ: هَكَذَا هُوَ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُد وَتَارِيخِ الْبُخَارِيِّ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ:
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ عَلَى الْقُرْآنِ بِسَجْدَتَيْنِ»، انْتَهَى.
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَقَدْ أُسْنِدَ هَذَا، وَلَا يَصِحُّ، انْتَهَى.
الْآثَارُ: أَخْرَجَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ عَلَى سَائِرِ السُّوَرِ بِسَجْدَتَيْنِ، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ، وَأَخْرَجَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَأَبِي مُوسَى وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُمْ سَجَدُوا فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ.
أَحَادِيثُ السُّجُودِ فِي (ص): احْتَجَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهَا مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، بِمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِي(ص)»، انْتَهَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ: انْفَرَدَ بِهِ حَفْصٌ، وَخَالَفَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَجَدَ فِي {إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}»، وَهُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ أَخْبَرَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمِيُّ ثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ ذَرٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِي ص، وَقَالَ: سَجَدَهَا نَبِيُّ اللَّهِ دَاوُد تَوْبَةً، وَنَسْجُدُهَا شُكْرًا»، انْتَهَى.
أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ ذَرٍّ بِهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «رَأَيْت رُؤْيَا، وَأَنَا أَكْتُبُ سُورَةَ(ص) فَلَمَّا بَلَغْت السَّجْدَةَ، رَأَيْت الدَّوَاةَ وَالْقَلَمَ، وَكُلَّ شَيْءٍ يَحْضُرُنِي، انْقَلَبَ سَاجِدًا، قَالَ: فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَزَلْ يَسْجُدُهَا»، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ، اخْتِلَافًا.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ:
احْتَجَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ لِلْقَائِلِينَ: بِأَنَّهَا سَجْدَةُ شُكْرٍ، لَا تِلَاوَةٍ، بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِي(ص) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَيْسَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي السَّرْحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَرَأَ(ص): فَلَمَّا مَرَّ بِالسُّجُودِ فَنَزَلَ، فَسَجَدَ، وَسَجَدْنَا مَعَهُ، وَقَرَأَهَا مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ تَشَزَّنَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَلَمَّا رَآنَا، قَالَ: إنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُكُمْ تَشَزَّنْتُمْ، أَرَاكُمْ قَدْ اسْتَعْدَدْتُمْ لِلسُّجُودِ، فَنَزَلَ، فَسَجَدَ، وَسَجَدْنَا»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ(ص).
وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى.
وَعِنْدِي أَنَّهُمَا حُجَّةٌ لَنَا.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: سَنَدُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، قَالَ: وَتَشَزَّنَا مُثَنَّاةٌ مِنْ فَوْقٍ، ثُمَّ شِينٌ مُعْجَمَةٌ، ثُمَّ زَايٌ مُشَدَّدَةٌ، بَعْدَهَا نُونٌ تَهَيَّأْنَا، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ السُّجُودِ فِي الِانْشِقَاقِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأَ {إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فَسَجَدَ، فَقُلْت: مَا هَذِهِ السَّجْدَةُ؟ قَالَ: «لَوْ لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُهَا، لَمْ أَسْجُدْ، فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ»، وَأَخْرَجُوا إلَّا التِّرْمِذِيَّ عَنْهُ أَيْضًا، قَالَ «سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي {إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك}»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ، مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّهُ قَرَأَ لَهُمْ {إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فَسَجَدَ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِيهَا»، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: وَاحْتُجَّ لِمَالِكٍ فِي تَرْكِ السُّجُودِ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ فَائِدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ الْمَهْدِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ: «حَدَّثَنِي أَبُو الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ سَجَدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً، لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْمُفَصَّلِ الْأَعْرَافَ وَالرَّعْدَ وَالنَّحْلَ، وَبَنِي إسْرَائِيلَ وَمَرْيَمَ وَالْحَجَّ، وَالْفُرْقَانَ وَالنَّمْلَ، وَالسَّجْدَةَ وَ ص، وحم السَّجْدَةَ»، انْتَهَى.
وَعُثْمَانُ بْنُ فَائِدٍ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ، لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَوَهَّاهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً»، وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي قُدَامَةَ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ، مُنْذُ تَحَوَّلَ إلَى الْمَدِينَةِ»، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: إسْنَادُهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَيُرْوَى مُرْسَلًا، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِي {إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}»، وَإِسْلَامُهُ مُتَأَخِّرٌ، قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَأَبُو قُدَامَةَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ لَمْ يَصْحَبْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ رَآهُ يَسْجُدُ فِي(الِانْشِقَاقِ) وَ(الْقَلَمِ)، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَأَبُو قُدَامَةَ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ فِيهِ ابْنُ حَنْبَلٍ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: صَدُوقٌ، وَعِنْدَهُ مَنَاكِيرُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ: كَانَ شَيْخًا صَالِحًا، وَكَثُرَ وَهْمُهُ، وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ كَانَ سَيِّئَ الْحِفْظِ حَتَّى كَانَ يُشَبَّهُ فِي سُوءِ الْحِفْظِ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَقَدْ عِيبَ عَلَى مُسْلِمٍ إخْرَاجُ حَدِيثِهِ، انْتَهَى.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سَجْدَةٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، قَالَا: لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سَجْدَةٌ، انْتَهَى.